فضاء حر

لماذا اصبح رجال الدين “مرجئة” مع الارهابيين و”خوارج” مع الليبراليين؟

يمنات
قبل ايام افتى الازهر بان الارهابي ليس بكافر، وانه لا يمكن تكفير اعضاء تنظيم داعش لانهم لا زالوا مسلمين ومؤمنين!
و قبلها افتى السلفيون انه لا يمكن تكفير اسامة بن لادن او اي عضو من تنظيم القاعدة لانهم ماتوا على التوحيد..
هذا هو الجانب الظاهر من الفتوى.. وسنتفق معهم اننا ضد تكفير اي شخص او اي جماعة..
هذه ليست المشكلة.
المشكلة ان الازهر ومشائخ السلفية الذين رفضوا تكفير تنظيمات ارهابية مثل القاعدة و داعش وجبهة النصرة، كانوا السباقين في تكفير كافة التيارات الاخرى التي لم يعرف عنها اي استخدام للعنف..
فقد كفر الازهر كوكبة من المفكرين منهم محمد عبده وعلي عبد الرازق وفرج فوده ونجيب محفوظ..
كما ان السلفيين لم يتورعوا عن تكفير كل المفكرين والتيارات ابتداء من الناصريين حتى الليبراليين والقوميين والاشتراكيين والبعثيين وحتى الشعراء والروائيين والفنانين..
قد تكون الصدمة كبيرة عندما نجد ان المشائخ الذين يرون ان من يسخر من اطلاق اللحى كافر ويجب ان يقتل، لا يجدون اي مبرر لتكفير من يقوم بعمليات الاعدام الجماعي والاغتصاب الجماعي واستعباد النساء الحرات وقطع رؤوس المسلمين يوميا والتفاخر بذلك.
وقد يكون غريبا ان الأزهر الذي كفر فرج فودة واهدر دمه، يجد صعوبة كبيرة في ‫تكفير من يسفك دماء الالاف يوميا، مع ان فودة لم ينتقد القرآن او السنة او أيا من الاصول الاسلامية واكتفى بنقد الجماعات الاسلامية والمشائخ والخلفاء.
كيف يمكن تفسير هذا؟
الحقيقة التي قد تكون صادمة هنا الازهر والمؤسسة السلفية وداعش لا زالوا يمارسون “فهم الاسلام” بنفس الطريقة. وبالتالي فهم لا يختلفون مع داعش في “فهم” الاسلام وانما يختلفون معهم في “طريقة التطبيق”.
بصياغة اكثر وضوحا: لا يختلف في ان الشيعة “فئة منحرفة” كافرة او اقرب الى الكفر!. لكنهم يختلفون في طريقة التعامل معها بين من يفضل دعوتهم الى الاسلام الصحيح او من يعتبرهم كفارا يجب قتلهم .. الخلاف هنا حول الطريقة وليس حول الفكرة لان الفكرة واحدة. والعالم الفكري للازهري والسلفي والداعشي عالم واحد يفكر بنفس الآليات..
كما لا يختلف الازهر او السلفيون مع داعش في ان المسيحيين ضالون ومغضوب عليهم، ولكنهم يختلفون فقط في طريقة التعامل مع هذه الفئة الضالة بين من يرى ان “الجهاد” هو السبيل الامثل للتعامل معهم وبين من يرى ان الدعوة و “الاحسان” هو الطريق الافضل ليدخلوا الاسلام. لكنهم يتقفون جميعا ان استمرارهم في اعتناق الدين المسيحي “ضلالة” يجب ان تنتهي!
لهذا يجد الازهري صعوبة في تقبل الليبرالي او الناصري او العلماني الذي يسعى لخير المجتمع ويلتزم بأحكام القانون حتى ولو اكد هذا العلماني انه مسلم ومؤمن، بينما يجد الازهري داخله ميلا كبيرا لتعاطف والتقارب مع الداعشي حتى لو قتل ونهب واغتصب وارتكب فظائع يعجز عنها اعتى المجرمين.
و لهذا من السهل ان يعتبر الازهري او السفلي ان العلماني او الليبرالي او الاشتراكي الذي يفني عمره في تنمية المجتمع ونشر التعليم وتقديم الخدمات الصحية للأمهات والاطفال شخص كافر، بينما عضو داعش او القاعدة الذي يغتصب فتاة عراقية ويقتل عائلتها امام عينيها “مؤمن كامل الايمان”..
هذه نتيجة العالم الفكري المغلق الذي وضعوا انفسهم ووضعونا فيه..
لا زال علماء الدين المسلمين بكل تياراتهم “خوارج” مع العلمانيين والليبراليين وبقية الاطياف الفكرية الاخرى و”مرجئة” مع الارهابيين بكل اطيافهم ومستويات ارهابهم .. أي انهم يكفرون “الفكر” مهما كان سلميا وحضاريا ويتسامحون مع “الفعل” مهما كان بلغت درجة اجرامه..
و في المستقبل القريب قد يتطور رجال الدين المسلمين ويصدرون فتوى ترى ان من “يفكر” بطريقة مختلفة ليس كافرا وانما “مؤمن موحد” مثله مثل من يقتل ويغتصب ويستعبد!
فاذا وصلوا الى نقطة المساواة بين “التفكير” و “القتل” سيكون هذا انجازا كبيرا في عالمهم الفكري المغلق..
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى